كيف لي أن أعرف بأن الله قد قبل توبتي؟
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أسأل الله أن يغفر لي، ويقبل توبتي..
عمري الآن 17سنة، من أسرة محافظة ومتماسكة - ولله الحمد -، وأكاد أكون صديقة لأبي، وهو عوني في كل شيء.
مأساتي باختصار..
هي أني استخدمت الإنترنت استخداما خاطئا، وتعرفت على شاب، لا أجزم بأني
أحببته، ولم أشعر بالراحة أبدا، ولكن أعجبتني شخصيته، وكنت صغيرة نوعا ما،
وكنت دائمة البكاء على ما فعلت، فقد رأى صوري، وأريته جسدي بالكامل
((استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم))، ثم تركته، وتبت إلى الله عز وجل،
وحاربت نفسي، والتزمت بصلاتي، وصيامي، والنوافل، وبعد ذلك تعرفت على شاب
خلوق، وطيب، لقد أحببته من كل قلبي، ولبست الحجاب، وأسلمت وجهي لله تعالى،
وأخبرت أحد أخوالي عنه، ولكني لم أخبر أمي وأبي بعد، فلا زلت صغيرة، وهو لم
يعترض في أن أخبرهم، ولكني رفضت، واتفقنا على الانتظار حتى أكمل الثانوية،
وأدعو الله بصلاتي أن يغفر لي، ويسترني، ويجعل منه زوجا صالحا لي.
أنا خائفة من أن لا يقبل الله توبتي، وهل حديثي مع من أنا معه الآن يفسد
تلك التوبة؟ مع العلم بأنه أعانني كثيرا على التقرب من الله، ولكني لم
أخبره بما فعلت من قبل، وهو يريد الزواج بي.
وحينما قررت التوبة، دعوت بكل صلاة: ((اللهم إني جعلتك في نحورهم وأعوذ بك
من شرورهم))، كي أسلم مما قد يحدث بسبب ما فعلت، وأخاف أن يعاقبني الله على
ما فعلت بأمانته، ويحرمني الزوج الصالح في الدنيا، والجنة في الآخرة.
سؤالي هو: هل أعتبر زانية بهذا الفعل؟ وهل يمكن أن يعاقبني الله فيما بعد
رغم توبتي؟ أخاف أن يفتضح أمري، وإن كانت توبتي صالحة، فكيف لي أن أعرف بأن
الله قد قبلها؟
أرجو الإفادة، والدعوة لي بالصلاح.
أسأل الله أن يعينني، ويعفني، ويحفظ بنات المسلمين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دموع ندم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..
نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونبشرك بأن الثبات على الخير، والنوافل،
وحفظ القرآن، كل هذه الطاعات دليل على قبول التوبة، فإن من دلائل قبول
التوبة: أن يوفق الإنسان للأعمال الصالحة، وأن يكون بعد التوبة أفضل مما
كان عليه قبلها، وأن يمضي في طاعة الله تبارك وتعالى، فإن الحسنات يُذهبن
السيئات، ولكي تكتمل هذه الصورة، ولكي تبتعدي عن الشر، ينبغي أن تتخلصي من
كل آثار وأرقام وإيميلات تلك التواصلات، وتلك الأيام الكالحة السوداء، التي
تواصلت فيها، ووقعت فيها فيما يُغضب الله تبارك وتعالى.
إذن فأنت مطالبة بأن تعودي إلى الله تبارك وتعالى، وأن تتخلصي – بعد هذه العودة –من آثار ما حصل، لأن هذا دليل على صدق التوبة.
والدليل الثاني كما قلنا: الاستمرار في الطاعة، وأن يكون الإنسان بعد
التوبة أحسن مما كان قبلها، وأن يكثر من الحسنات الماحية، وأن يتخلص من
آثار وإيميلات ذكريات وأرقام هواتف المخالفة ،والمعصية التي وقع فيها.
وبعد ذلك ننصحك بأن تستري على نفسك، وأن تبالغي في الستر، ولا تذكري ما
حصل، إذا كان لم يعرف أحد سوانا فلا تخبري أحدًا بعدنا، واعلمي أن استشارتك
محجوبة، وأن أمرك مستور، فاستري على نفسك، فإن الشريعة تدعونا إلى أن نستر
على أنفسنا، حتى وإن وقعنا في الخطأ، ينبغي للإنسان أن يستر على نفسه، ولا
يُظهر ما حصل منه من نقص أو خلل، بل يجعل الأمر بينه وبين الله، ثم يتوب
إلى الله، ويرجع إلى الله تبارك وتعالى.
أما بالنسبة للشاب الثاني، فنحن أيضًا ننصحك بتجميد هذه العلاقة، وإيقاف
هذه العلاقة تمامًا، حتى يحين ذلك الوقت، وعند ذلك إذا كانت له رغبة، فعليه
أن يأتي بيتكم من الباب، وأن يقابل أهلك الأحباب، وأن يطلب يدك بصورة
رسمية.
وندعوك أيضًا إلى ستر ما حصل، فإن أسرتك والناس إذا علموا أنه كانت لك
علاقة سابقة – بالنت – مهما كانت العلاقات نظيفة، فإن هذا مكانا وسببا لسوء
الظن، وعدم التوفيق، والإنسان لا يأمن عواقب مثل هذه العلاقات، فغالبًا ما
يبدأ الناس بالتناصح بالخير، ولكن ينتهي المطاف إلى ما لا تحمد عاقبته،
لأن الشيطان ينتظرهم في آخر المحطات، ولأن الشيطان يشوش عليهم، ولو فرضنا
أنه لم يشوش، وتم الزواج، فإن الشيطان يأتي بعد الزواج ليقول للرجل: (كيف
تثق فيها، وقد كانت تكلمك دون علم أهلها)، ثم يقول للمرأة: (كيف تصدقين هذا
المجرم؟ وما المانع أن تكون له أخريات، وله صديقات، وله علاقات)، فعند ذلك
تبدأ الشكوك من الطرفين، وتبدأ المشاكل، وتبدأ الأزمات.
فالشيطان الذي يجمع الناس على الغفلات، وعلى ما لا يُرضي رب الأرض والسموات
عبر عالم النت، هو نفس الشيطان الذي يأتي ليخرب عليهم في مستقبل حياتهم،
ولذلك ينبغي أن ننتبه لهذه المسألة، ونتذكر أن الشيطان عدو، قما قال
تعالى:{إن الشيطان لكم عدوٌ فاتخذوه عدوًّا}، هكذا يقول ربنا العظيم سبحانه
وتعالى، يُعلن لنا أن هذا عدوٌ لنا، فكيف نصدق هذا العدو؟ وكيف نمشي معه؟
وكيف ننفذ له ما يريد؟
ولذلك حتى بالنسبة للشاب الثاني ينبغي أن تُوقفي هذه العلاقة، بعد ذلك
عندما يأتي الوقت المناسب، عليه أن يطرق بابكم، وبعد ذلك تحصل المقابلة
الشرعية، والرؤية الشرعية، في حضور محرم من محارمك، فإذا وجدت انشراحًا
وارتياحًا، فعند ذلك تُكملين معه المشوار، وإن كانت الأخرى فهذا هو هدف
الخطبة، وهدف النظرة الشرعية، أن يحصل هذا الانشراح، فقد يرتاح الإنسان
لكلام إنسان، ويرتاح لظرفه وأسلوبه، ولكن عندما يراه تختلف المسألة تمامًا،
لأن التلاقي مع الرؤية بالأرواح، والأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها
ائتلف، وما تناكر منها اختلف.
فأنت – يا ابنتي – على خير، ولكن ندعوك إلى التوقف فورًا حتى من العلاقة
الثانية، ومن هذا التواصل مع هذا الشاب، وعليه أن يتوب، وعليك أن تتوبي،
وتتوقفا تمامًا، ثم بعد ذلك إذا أراد في الوقت المناسب، عليه أن يأتي داركم
من الباب، ويطلب يدك بطريقة رسمية، فالإسلام لا يعترف بأي علاقة بين امرأة
ورجل إلا في إطار المحرمية، أو الحياة الزوجية، أما هذا الرجل فهو أجنبي،
والأجنبي هو كل من يجوز له أن يتزوج من الفتاة، فإنه لا يجوز أن تؤسس معه
الفتاة أي نوع من العلاقة إلا بغطاء شرعي، وإلا بأن تكون علاقة نظيفة،
مكشوفة، بعلم أهله، وبعلم أهلها، ثم يكون هدف هذه العلاقة هو الرباط الشرعي
والزواج.
وإذا عُدمت هذه الشروط، فالإسلام لا يُبيح ولا يبرر إنشاء أي نوع من
العلاقات بين الجنسين بهذه الطريقة، وحتى لو أراد الإنسان النصيحة، فيستطيع
أن يأخذ النصيحة من رجل، أو تستطيع أن تأخذ النصيحة من امرأة، فيستطيع أن
يأخذ النصيحة ويقدم النصيحة للرجل، أما أن يتخصص الرجل في نصح النساء، أو
تتخصص المرأة في نصح الشباب، وتذكيرهم بالله تبارك وتعالى، فهذا طريق لا
تُؤمن فيه العواقب، ونحن نتكلم عن خبرة وتجربة مئات التجارب التي مرت
علينا.
والإمام أحمد عندما سألوه، قالوا: رجل يجلس في آخر صفوف الرجال، فإذا عطست
امرأة شَمّتها؟ قال: هذا مجنون، والفقهاء تكلموا عن الرجل الذي يرد السلام
على النساء، متى يرد؟ إذا أمن الفتنة، والفتنة غير مأمونة في هذا الوضع
الذي أنتم فيه، لأن الإنسان يكون متواصلاً بطريقة سرية، ليس بينهما أي أحد،
وبالتالي الشيطان هو الذي سيجد الفرصة.
ولذلك نحن ندعوك إلى إيقاف هذه العلاقة فورًا، والستر على نفسك، وستر حتى
هذه العلاقة، فإذا كان في الشاب خير ورغبة، فعليه أن يطرق بابكم في الوقت
المناسب، وأن يقابل أهلك، وعند ذلك أيضًا ننصحكم بأن تكتموا ما حصل، ولا
تخبروا أحدا بأن المعرفة كانت سابقة، لأن هذا يجلب سوء الظن بكم، وقد
تظلموا في هذا رغم أن العلاقة كانت نظيفة – كما ذكرتِ –، إلا أننا نريد أن
نقول: نحن نحتكم إلى هذا الشرع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق الجميع
لما يحبه ويرضاه.
لا تحرمنا من تعليقاتك و ردودك
تابعنا دائماً لدينا أجمل وأقوي المواضيع بإستمرار إن شاء الله
تحياتي المشرف العام / أمير محمد لمتابعتي اضغط هنا أواضغط متابعة
ساعدنا بالضغط علي لايك وسيصلك ما يفيدك ويمتعك باذن الله
شاركها أصدقائك وفيدهم ولا تدعها تقف عندك
لا تحرمنا من ردودك