حتى لا ينفر الشباب
إن الكتابة عن الشباب أمر هام، والاهتمام بمراحل نموهم والحديث عن مشاكل كل مرحلة ضرورة، ومحاولة علاج تلك المشكلات حاجة ملحة، ولكن ينبغي أن يكون العرض متوافقا مع تطلعات أبنائنا في كل مرحلة من تلك المراحل، مراعيا مدى النمو العقلي والذهني والنفسي لديهم.
وإذا أردنا أن ينتفع أبناؤنا بما نقدمه إليهم فلابد من الكتابة بأساليب شيقة، وأقلام رشيقة، وطرق محببة إلى قلوبهم، حتى نجذبهم لقراءة ما نكتبه وإلى قبول ما ننصحهم به.
وهناك أمور ربما لا ينتبه إليها بعض من يتصدر للكتابة للشباب أو عن الشباب، كانت عائقا لي أيام شبابي عن قراءة بعض الكتب والمؤلفات، ووجدت أيضا أن كثيرا من الشباب الذين أتواصل معهم لا يحبذونها بل ويرفضونها.. فمن ذلك:
أولا: النظرة الطفولية:
إن مما يؤذي الشباب ويصرفهم عمن يكتبون لهم وعنهم دوام النظر إليهم على أنهم أطفال، والتعامل معهم على هذا الأساس، فتكون النصائح والتوجيهات في صورة أوامر مباشرة؛ وهو أمر مزعج جدا لهم ومنفر عن تقبل النصح أو حتى مجرد سماعه أو قراءته. فالشاب في هذا الوقت يرى أنه قد أصبح كبيرا، ولم يعد ذاك الطفل الصغير الذي يؤمر فيطيع أو ينهى فيمتنع، وإذا لم يفعل فالعقاب أو التوبيخ. بل هم في هذه المرحلة يتطلعون إلى من يتعامل معهم معاملة الند، أو على الأقل يحترم رأيهم احترام من يفهم الأمور ويستطيع أن يتوقع ويتحمل العواقب.
ثم إن هذه النظرة تحمل صاحبها على الاستهتار بآرائهم عند الحوار، وعدم الالتفات لأقوالهم، وعدم الاهتمام بأفعالهم ومشاركاتهم مما يؤدي في النهاية إلى الإهمال المؤدي إلى خسارتهم.
ومفسدة أخرى تنتج عن هذه النظرة ألا وهي اقتناع بعضهم بأنه طفل بالفعل وأنه صغير حقيقة، مما ينتج عنه إطالة مرحلة الطفولة معه مما يصعب ويضخم المشكلة ويزيدها تعقيدا.
ثانيا: أزمة المراهقة:ومما يؤذي الشباب أيضا أن بعضا ـ أو كثيرا من، بل أكثر ـ من يكتبون لهم دائما ما ينظرون إليه على أنهم مراهقون، وعلى أن مرحلة المراهقة هي أزمة يعيشها كل شاب، ويعاني دائما من مشكلات تلك المرحلة، ولذلك تتجه الكتابات في معظمها إلى هذا الاتجاه، وعلينا فقط أن نقرأ بعض عناوين الكتب والمؤلفات لنقتنع بصحة هذا الأمر.. فمن تلك العناوين: " مشاكل الشباب" ، "أزمة المراهقة"، "الشباب ومشكلات المراهقة"، "مرحلة المراهقة.. كيف تمر بسلام"، "في بيتنا مراهق"، ... وهكذا معظم العناوين.
ورغم أن التقسيم العلمي لمراحل النمو قد يكون حجة لبعض الكتاب، إلا أننا لابد وأن نقدر أن التأليف بهذه الصورة والكتابة من هذا المنطلق يعد من أكبر المنفرات للشباب عن قراءة تلك المؤلفات وأعظم أسباب الزهد فيها والبعد عنها.
إن هذه العناوين تجعل الشاب يشعر كأنه مصاب بمرض خطير يفض الناس عنه، أو يجعلهم يفرون منه أو على الأقل يشفقون عليه، فهم يتعاملون معه من منطلق العطف والشفقة وهو ما لا يرضي الشباب.
ثالثا: مرحلة تفلت:سلبية أخرى من سلبيات الكتابة للشباب، وهي أن بعض الكتاب يحصر اهتمامات الشباب في التفاهات، ويظن أن هذا هو فكر معظم أبنائنا في تلك المرحلة، فلا يكتب إلا في ذلك: "حَب الشباب" ، "حُب الشباب"، "العلاقة بين الجنسين"، "الجنس في نظر المراهق"، "الشباب والجنس"، "صرعات الموضة عند الشباب"، "أريد أن أنطلق"،... وكأن الشباب لا يفكرون إلا في الحب والجنس والرقص، وكأنهم ليس بينهم إنسان ذو همة، أو شاب طموح أو صاحب فكر.
إن لدي الشباب طاقات عظيمة، ويملكون آمالا عريضة، ولا شك أنهم يفكرون في المستقبل والعمل وتأسيس أسرة وعائلة، ويبحثون عن مكانة اجتماعية ومركز مرموق، ويحملون أحلام اليوم وآمال المستقبل، ولابد أن يكون كتاب الشباب على وعي بهذا ويقدرون تلك المسؤولية.
إن الكتابة للشباب وعنهم يجب أن تكون (بل هي كذلك فعلا) فقرة من فقرات التربية، وفصلا من فصولها، ونحن إذا أكبرنا أولادنا كبروا، وإذا أهملناهم وصغرناهم كانوا كذلك، وإذا كانت الكتابة تربية فعلا فلابد من أن نضع في قلوبنا أولا ـ لينتقل ذلك لهم بعد ذلك ـ أن العظماء في أي أمة إنما بدأت عظمتهم منذ الشباب، وفي مثل سن أبنائنا.. وأن قادة جيوش الإسلام كأسامة بن زيد، ومحمد بن القاسم الثقفي أعجوبة القادة كانوا شبابا، وكذلك كثير من علمائنا وعلماء الدنيا نبغوا منذ الصغر وعظموا عند الشبيبة، ونبلوا بعد ذلك مع الزمن.
لن يكون شبابنا مستقبل أمتنا المشرق حتى نضع ذلك في عقولهم وقلوبهم، ولن يحققوا ذلك حتى يروا منا نحن الاهتمام بهم والعناية بأمورهم.. وأول ما يكون الاهتمام إنما يكون فيما نتوجه بهم إليهم من كتابات لنربيهم تربية صحيحة ونوجههم توجيها سديدا.. لنسعد بهم حاضرا ومستقبلا.. والله الموفق.
وإذا أردنا أن ينتفع أبناؤنا بما نقدمه إليهم فلابد من الكتابة بأساليب شيقة، وأقلام رشيقة، وطرق محببة إلى قلوبهم، حتى نجذبهم لقراءة ما نكتبه وإلى قبول ما ننصحهم به.
وهناك أمور ربما لا ينتبه إليها بعض من يتصدر للكتابة للشباب أو عن الشباب، كانت عائقا لي أيام شبابي عن قراءة بعض الكتب والمؤلفات، ووجدت أيضا أن كثيرا من الشباب الذين أتواصل معهم لا يحبذونها بل ويرفضونها.. فمن ذلك:
إن لدي الشباب طاقات عظيمة، ويملكون آمالا عريضة، ولا شك أنهم يفكرون في المستقبل والعمل وتأسيس أسرة وعائلة، ويبحثون عن مكانة اجتماعية ومركز مرموق، ويحملون أحلام اليوم وآمال المستقبل، ولابد أن يكون كتاب الشباب على وعي بهذا ويقدرون تلك المسؤولية.
إن الكتابة للشباب وعنهم يجب أن تكون (بل هي كذلك فعلا) فقرة من فقرات التربية، وفصلا من فصولها، ونحن إذا أكبرنا أولادنا كبروا، وإذا أهملناهم وصغرناهم كانوا كذلك، وإذا كانت الكتابة تربية فعلا فلابد من أن نضع في قلوبنا أولا ـ لينتقل ذلك لهم بعد ذلك ـ أن العظماء في أي أمة إنما بدأت عظمتهم منذ الشباب، وفي مثل سن أبنائنا.. وأن قادة جيوش الإسلام كأسامة بن زيد، ومحمد بن القاسم الثقفي أعجوبة القادة كانوا شبابا، وكذلك كثير من علمائنا وعلماء الدنيا نبغوا منذ الصغر وعظموا عند الشبيبة، ونبلوا بعد ذلك مع الزمن.
لن يكون شبابنا مستقبل أمتنا المشرق حتى نضع ذلك في عقولهم وقلوبهم، ولن يحققوا ذلك حتى يروا منا نحن الاهتمام بهم والعناية بأمورهم.. وأول ما يكون الاهتمام إنما يكون فيما نتوجه بهم إليهم من كتابات لنربيهم تربية صحيحة ونوجههم توجيها سديدا.. لنسعد بهم حاضرا ومستقبلا.. والله الموفق.
لا تحرمنا من ردودك
شاركها أصدقائك وفيدهم ولا تدعها تقف عندك